تنعقد اليوم الخميس في قصر بعبدا جلسة لمجلس الوزراء، يتصدّر جدول أعمالها بندٌ أول يتعلّق بعرض قائد الجيش العماد رودولف هيكل التقرير الثالث حول المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح التي ينفّذها الجيش جنوب نهر الليطاني، في توقيت سياسي وأمني حساس، في ظل استمرار المخاطر والتهديدات الإسرائيلية رغم توسيع عمل آلية الميكانيزم وإدخال عنصرين مدنيين إليها، أحدهما إسرائيلي والآخر لبناني هو السفير سيمون كرم.
يأتي عرض قائد الجيش في لحظة تتقاطع فيها الجهود العسكرية الميدانية مع مساعٍ دبلوماسية متوازية، يُشدّد المعنيون على الفصل الواضح بينها، إذ لا يرتبط العمل الدبلوماسي بالمهام العسكرية التي ينفّذها الجيش اللبناني على الأرض ولا يؤثر في مسارها التنفيذي، وإن كان يوفّر هامشاً من الإيجابية المطلوبة لمحاولة فرملة الاعتداءات الإسرائيلية والحدّ من وتيرتها، من دون أن يُبدّل في طبيعة التهديد القائم أو في حجم المخاطر المستمرة.
عرض قائد الجيش
خلال الجلسة، سيقدّم قائد الجيش عرضاً تفصيلياً لما أُنجز خلال الشهر المنصرم، مدعوماً بالصور والمعطيات الميدانية، لجهة ما نفذ في الشهر الثالث من المرحلة الأولى من الخطة. تؤكد مصادر عسكرية لـ”المدن” أن نسبة الإنجاز تخطّت عتبة الـثمانين في المئة، وتشير إلى أنّ الجيش ماضٍ في تنفيذ ما تبقّى ضمن الجدول الزمني الموضوع، على أن تُستكمَل المرحلة الأولى بالكامل مع نهاية العام الحالي جنوب الليطاني، ما لم تطرأ تطورات إستثنائية أو ظروف غير محسوبة.
وفق المصادر نفسها، سيحرص العرض على إبراز حجم التقدم الميداني، سواء جنوب الليطاني أو على مستوى الاحتواء شماله، في سياق الرد المباشر على الادعاءات الإسرائيلية التي تزعم تقاعس الجيش عن تنفيذ مهمة حصر السلاح ونزع سلاح حزب الله، أو السماح بإعادة ترميم قدراته العسكرية وتهريب السلاح إلى المنطقة.
في هذا الإطار، تكشف قيادة الجيش أن إسرائيل، رغم تكرارها هذه الادعاءات، لم تقدّم يوماً أي دليل ملموس يثبت إعادة تفعيل نشاط عسكري للحزب جنوب الليطاني، أو وجود عمليات ترميم ممنهجة لقدراته القتالية. وتشير معلومات “المدن” إلى أن إبراز هذه الإنجازات جاء أيضاً بناءً على نصائح تلقاها الجيش من الجانب الأميركي، وكذلك خلال زيارة وزير الخارجية المصري الأخيرة إلى بيروت، بضرورة إظهار الوقائع الميدانية للرأي العام وللدول المعنية.
نهاية المرحلة الأولى مع نهاية العام
تنتهي المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح مع نهاية العام الحالي، ولن يطلب الجيش تمديد المهلة الزمنية المحددة لإنجازها، تجزم المصادر. ومع اكتمال هذه المرحلة، يُفترض فتح نقاش في مطلع العام المقبل حول مسار العمل للمرحلة التالية من دون أن يعني ذلك بالضرورة إدخال تغييرات جوهرية على طبيعة الخطة، وما هو مقرر تنفيذه ضمن المهل التي حددها الجيش شمال الليطاني: “لتنتهي المرحلة الاولى، ونرى عندها في بداية العام، إذ لا يمكن أن نعلم ما قد يحصل من متغيرات، وكيف سيكون مسار العمل”.
إذا، منذ الشهر الماضي حتى اليوم، يسجّل الجيش تقدماً وُصف بـ”اليسير إنما الثابت”، تجاوزت نسبته الـثمانين في المئة من مجمل المرحلة الأولى، مع إستمرار ضبط المزيد من السلاح والأنفاق، وتعزيز الاحتواء الأمني شمال الليطاني، بما يشمل منع مرور السلاح وتشديد الرقابة على المسارات الحساسة، لاسيما الحدودية.
إنتشار وخروقات
ميدانياً، سيذكر قائد الجيش أن عدد العسكريين المنتشرين جنوب الليطاني إرتفع إلى نحو عشرة آلاف عنصر، بعدما لم يكن يتجاوز أربعة آلاف يوم إعلان وقف إطلاق النار. وتنتهي مهمة درع الجنوب في 31 كانون الأول المقبل، لكن يبقى إستمرار الاحتلال الإسرائيلي والاعتداءات المتكررة العامل الرئيسي الذي يؤخراستكمال بنود الخطة في مرحلتها الاولى كاملة.
مع العلم أن قائد الجيش سيعرض لمجلس الوزراء بالصور والارقام والخرائط تفاصيل إنتشار الجيش الذي أصبح في أكثر من 200 نقطة جنوب نهر الليطاني، في وقت لا يزال العدو يحتل خمس نقاط أساسية، إلى جانب نقطتي عزل، مع تسجيل أربع خروقات مستجدة في بلدتي يارون ورميش. بالإضافة إلى إعادة تمركز الجيش في 11 موقعاً حدودياً، فيما تبقى تسع مناطق محتلة من ضمن المواقع التي كان يتواجد فيها قبل المناورة البرية الإسرائيلية.
في الارقام أيضا، يكشف التقرير أن الجيش نفّذ أكثر من 11 ألف مهمة مشتركة مع قوات اليونيفيل، إضافة إلى أكثر من 30 ألف مهمة عسكرية منفردة جنوب الليطاني، في ظل خروقات متعددة على طول الحدود.
وعلى صعيد ضبط القدرات العسكرية، فإن عدد الأنفاق التي دخلها الجيش وعالجها بلغ 177 نفقاً. هذا وأغلق 11 معبراً على مجرى نهر الليطاني، وضبط مئات راجمات الصواريخ وعشرات الصواريخ، إضافة إلى أعداد أخرى من الأسلحة والعتاد.
واقع اليونيفيل
لن يغيب التقرير عن حال اليونيفيل اليوم بعدما بدأت تقليص عديدها، وسحبت عدداً من معداتها وقطعها البحرية، وغادر 640 عنصراً من القوة الدولية لبنان. والجيش يتابع وضع اليونيفيل، لانه وبموازاة إستكمال مهمة حصر السلاح جنوب الليطاني، يعمل على تطوير ما يعرف بالفوج النموذجي ووحدات أخرى يفترض أن تحل محل اليونيفيل في المواقع التسعين التي تشغلها في حال أُنهيت فعلا مهامُها في جنوب لبنان نهاية العام 2026.
تقرير الجيش سيؤكد على أن خطة العمل جنوب الليطاني لا تشمل الدخول إلى المنازل، باعتبار أن معظم المباني التي تعرضت للاستهداف في المنطقة هي منازل مدنية. وهذا ما تأكد منه الجيش على الارض في الشهر المنصرم وما سيعيد تأكيده قائد الجيش مدعما ذلك بالأدلة والصور والوقائع.
أكثر من ذلك، تكشف المصادر أن قائد الجيش سيعرض في تقريره التقدم الموازي الذي تحقق
في ضبط المخيمات الفلسطينية، حيث جرى تشديد الإجراءات على عدد من المخيمات الفلسطينية الحساسة كالرشيدية، والبداوي، وغيرهما من المخيمات التي لا يزال السلاح داخلها، الذي سيبقى محاصرا داخلها ما لم يسلم، في إطار منع أي إستغلال أمني أو تهريب للسلاح.
بين الوقائع والتهويل
بين الأرقام والوقائع الميدانية، يشكّل عرض قائد الجيش أمام مجلس الوزراء محطة أساسية لترسيخ رواية لبنانية رسمية تستند إلى معطيات موثّقة، تؤكد أن خطة حصر السلاح تسير وفق مسارها المحدد، وأن ما يعيق إنجازها الكامل لا يعود إلى تقصير داخلي، بل إلى الاحتلال الإسرائيلي والخروقات المستمرة، في وقت يواصل فيه الجيش اللبناني تنفيذ مهماته ضمن الإمكانات المتاحة وبسقف زمني واضح، لا يمكن إختصاره على مستوى كل لبنان في أسابيع تحت وقع التهويل والتهديد.
ندى أندراوس-


