Categories محليات

المالية تحوّل 1500$ والنائب يقبض 3000$

أرقام متضاربة وزيادات على رواتب الوزراء والنواب مجهولة المصدر. ففيما تتفاقم الأزمة الاقتصادية وتعلو أصوات الموظفين في القطاع العام والعسكريين المتقاعدين المطالبين بتصحيح رواتبهم، يتم تداول معلومات عن زيادات جديدة على رواتب المسؤولين. وبعد التدقيق، يظهر تضارب واضح في المبالغ بين ما تحوّله وزارة المال رسمياً، وما يُقال إنّ الوزراء والنواب باتوا يتقاضونه فعلياً.

بحسب مصادر وزارة المال لـ”النهار”، تُحوَّل رواتب المسؤولين وفق الجدول رقم 18 في القانون 717/98 والمضاعفات المعمول بها في القطاع العام، من دون أي زيادة أو نقصان. وتشير إلى أنّ النائب يتقاضى 130 مليوناً و500 ألف ليرة، والوزير 131 مليوناً و875 ألفاً، ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب 176 مليوناً و75 ألفاً، ورئيس الجمهورية 174 مليوناً و500 ألف ليرة. وتؤكد الوزارة أنّها “لا تحوّل أي ليرة إضافية”، وأنّ ما يُحكى عن زيادات “صحيح، لكنه لا يصدر عن المالية”.

لكنّ تصريحات النواب أنفسهم عكست تضارباً واضحاً. فبينما يؤكّد بعضهم، مثل النائبة بولا يعقوبيان أنّ هيئة مكتب مجلس النواب أقرّت زيادة ليصبح الراتب 3000 دولار، من دون معرفة ما إذا كانت تملك صلاحية ذلك، أشارت إحدى النائبات إلى أنّ المعاش أصبح 3000 دولار فعلياً منذ شهرين، من دون أن تعلم كيف حصل هذا التعديل أو من أين تأتي الأموال.

في المقابل، يبدي النائب الياس جرادة موقفاً متحفظاً، معتبراً أنّ “الموضوع جدلي، لأنّ زيادة معاشات النواب في ظل الأزمة ليست منصفة للناس، رغم أنّ الرواتب القديمة لم تكن تتيح تفرغاً كاملاً للعمل النيابي”.

أما النائبة نجاة عون صليبا، فتوضح أنّها غير مطّلعة بدقّة على كيفية احتساب الرواتب، مشيرةً إلى أنّ راتبها “كان يراوح بين 200 و700 دولار في الفترات الأولى من تسلّم المنصب، ليصل اليوم إلى نحو 1700 دولار”، ومؤكدةً أنّ هذا المبلغ “غير كافٍ لتغطية المصاريف والالتزامات المرافقة للعمل النيابي”.

في هذا السياق، تكشف مصادر نيابية رفيعة عبر “النهار” أنّ راتب النائب ورئيس مجلس النواب ارتفع إلى 3000 دولار شهرياً بدءاً من تشرين الأول 2025، مع كل المخصّصات والتعويضات، موضّحةً أنّ الموازنة التشريعية تُعدّ مستقلة عن الموازنة العامة، وأنّ هيئة مكتب المجلس هي التي تتّخذ قراراتها المالية وترسلها إلى لجنة المال لإدراجها في الموازنة العامة، “وليس لمناقشتها”. 

أما وزارياً، فتشير مصادر إلى أنّ الوزير يتقاضى نحو 1600 دولار شهرياً، مع احتمال أن تكون قد طُبّقت عليه تعديلات مشابهة لتلك التي لحقت بالنواب. 

ومع تضارب المعطيات وضبابية المشهد، يبقى السؤال: من أين تأتي هذه الزيادات؟ 

تنفي مصادر في وزارة المال أيّ دور لمصرف لبنان، فيما ترجّح مصادر أخرى وجود صندوق مالي خاص لكلٍّ من مجلسي النواب والوزراء، أو أن سلفة خزينة تم تقديمها سابقاً تُستخدم لتغطية هذه المبالغ. 

ويؤكد المحامي نجيب فرحات أنّ آخر تشريع لمخصصات السلطات العامة صدر عام 2002 ولم يُعدَّل منذ ذلك الحين، مشيراً إلى أنّ “الزيادة إذا استندت إلى بند الصيانة في موازنة المجلس، فهي ليست قانونية”. ويضيف: “تعديل مخصصات رئيس الجمهورية محظور دستورياً أثناء الولاية، وبالنسبة إلى الوزراء يتطلب ذلك إصدار قانون. لا أعرف كيف يتم احتساب هذه المخصصات، فالمسألة غير شفافة بالكامل”.

وسط فوضى الأرقام وغموض المصادر، يبقى مشهد اللاشفافية مألوفاً في لبنان. وبينما ينتظر الموظف والعسكري زيادة “من غيمة”، كانت هذه الغيمة قد أمطرت في حسابات أخرى!

باميلا شاهين – النهار